حين تغنّتْ نجاة بأشعار “نزار قباني” مُعلناً: “مَن فتح الأبواب يغلقها ، ومَن بدأ المأساة ينهيها ، ومَن أشعل النيران يطفئها “.. مؤكد كانا يقصدان حبيبةً تتوق شوقاً لحبيب تبوح له: “ارجعْ كما أنتَ، فبَعدك لا عِقد أُعلقه “..
فهاكَ سياسي غربي كبير قدَّم نصيحته المدهشة لحكومات الغرب المعادية للإسلام ، مفادها : أن أسرع وأقوى وأنجع طريقة لإزالة حُب الحكم الإسلامي من قلوب المسلمين ، يكون عن طريق تجربة حكم فاشلة للإسلاميين ، وجعلهم يَصلون للسلطة ثم يفشلون ؛ فيكره الناس حكم الإسلام ، ولن يعودوا يحلمون به.
وبنظرةٍ مُدققةٍ لكل التنظيمات التي دُشنت في محيط أمتنا بدءاً من القاعدة ، وطالبان ، والحوثيين ، والتصنيفات المذهبية الدينية والعرقية ، والشيعة ، والأمازيغ ، والزيدية ، والمارونية ، والدرزية ، والعلوية ، نجد أن الذي أنشأ وموّل ، ودرّب وهيأ ، وفتح لها الأبواب المغلقة ، هي أمريكا وحلفاؤها ؛ بغية أن يعيش عالمنا الإسلامي في أتون الفوضى والتفتت والتشرذم ؛ كي تغلي مراجل الصراع والاقتتال ، والحروب الأهلية والعصبية ، يليها دك النظم السياسية القائمة ، ومحو الحدود السياسية لـ “سايكس بيكو” القديمة ، وإعادة ترسيم “سايكس بيكو” جديدة ، على هوَى الغرب المستعمر ، يعز ويذل بها مَن يشاء ، لأن منطقتنا كانت وستظل بقرة الغرب الحلوب التي تُدِرّ بترولاً وثرواتٍ طائلة ، ومايزال الكيان الصهيوني متمسكاً بكبرى أحلامه مِن النيل إلى الفرات.. فتلك أمانيهم.
ولكن إلى متى تُترك هذه الفوضى العارمة في بلادنا ؟
لعل صرخة السيدة “كريستينا فرنانديز” رئيس الأرجنتين في الأمم المتحدة ، ليست الأولى من نوعها ، لكنها -على الأقل – الأشد صراحة حين قالت : “كنتم تُدعِّمون جبهة ” النُصرة” باعتبارهم ثواراً ، واليوم نجتمع لإدراجهم إرهابيين ! حاربتم القاعدة ، واستبحتم العراق وأفغانستان ، والآن يعانيان مِن الإرهاب بالدرجة الأولى ، رحّبتم بالربيع العربي ، وأوصلتم متشددين إسلاميين للحكم ، ومازالتْ شعوب تلك الدول تعاني العبث !
إلى متى تظل الغفلة والغشاوة قدرنا ؟! ألم ندرك بعد أن مَراحم الأشرار قاسيةٌ ، كما جاء في العهد القديم ؟ تُرى الغرب يجيء بلاد العرب أوطاني ؛ ليخلصنا من داعش ، ثم يشرب قهوتنا ، ويلقي علينا السلام ، ويغلق الباب خلفه ويمضي ؟ أم أتانا ليبقى مُتأبطاً شِرار خرائطه ومطامعه ، وضحكات خبيثة تعلو ملامحه ، ولسان حاله يقول ساخراً : ” سيظل الغرب هو الفاعل والمسلمون مفعولًا بهم وفيهم ، ولكي تتخلصوا منّا ما عليكم إلا أن تُعيدوا قراءة تاريخكم وحضارتكم ، وعروبتكم وإسلامكم وإمكاناتكم ..إن كنتم إياها تفقهون”.